تُعرف ليختنشتاين بأنها واحدة من أصغر الدول في أوروبا، لكنها في السنوات الأخيرة أصبحت وجهة متنامية للمبدعين في مجال التكنولوجيا والشركات الناشئة، خصوصًا في قطاع التكنولوجيا المالية والبلوكشين. وتُعد بيئتها التنظيمية الفريدة، التي تجمع بين الاستقرار المالي والدعم الحكومي الموجه، من أبرز العوامل التي جعلت منها موقعًا مثاليًا لتأسيس شركة ناشئة. بالإضافة إلى ذلك، فإن انضمامها إلى المنطقة الاقتصادية الأوروبية سمح للشركات الناشئة فيها بالوصول إلى السوق الأوروبية بسهولة.
في عام 2024، أصدرت العديد من تقارير الابتكار والتكنولوجيا بيانات تُظهر تقدم ليختنشتاين في ترتيب الدول الصديقة لريادة الأعمال الناشئة، متقدمة على دول أكبر منها بكثير من حيث عدد السكان أو الموارد. مع استمرار تطور تقنيات البلوكشين، ووجود قانون مرن يُنظم الأصول الرقمية، يبدو أن المستقبل يحمل فرصًا ذهبية لأصحاب الأفكار الريادية في هذه الدولة الجبلية الصغيرة.
نظرة عامة على البيئة الاقتصادية في ليختنشتاين
تتميز ليختنشتاين باقتصاد مستقر ومفتوح للغاية، يعتمد على قاعدة صناعية متقدمة وقطاع مالي متين. هذا الاستقرار يمنح الشركات الناشئة ثقة في الاستثمار طويل الأمد. كما أن القوانين الليبرالية المتعلقة بالأعمال التجارية توفر بيئة قانونية جذابة، بما في ذلك ضرائب منخفضة نسبيًا مقارنة ببقية دول أوروبا.
البلد أيضًا عضو في الرابطة الأوروبية للتجارة الحرة (EFTA) والمنطقة الاقتصادية الأوروبية (EEA)، مما يسهل على الشركات الناشئة في ليختنشتاين الدخول إلى السوق الأوروبية الواسعة دون عقبات تنظيمية كبيرة. يتمثل أحد العوامل المحفزة كذلك في النظام القضائي السريع والشفاف، وهو عنصر حاسم في حماية حقوق الملكية الفكرية والتعاقدات التجارية.
قوانين داعمة للتقنيات الناشئة وخاصة البلوكشين
تُعد ليختنشتاين من أوائل الدول التي وضعت إطارًا قانونيًا شاملًا للأصول الرقمية وتقنية البلوكشين من خلال “قانون خدمات الرموز والأصول TT”. هذا القانون يُوفر اليقين القانوني الذي تحتاجه الشركات الناشئة التي تعتمد على هذه التقنيات لتقديم منتجاتها وخدماتها.
بفضل هذه البيئة القانونية المتميزة، جذبت ليختنشتاين عددًا متزايدًا من شركات البلوكشين والعملات المشفرة التي تبحث عن مكان موثوق يمكنها فيه تطوير تقنياتها بشكل قانوني وآمن. بالإضافة إلى ذلك، فإن هيئة الرقابة المالية (FMA) في البلاد توفّر إشرافًا فعالًا مع دعم الابتكار في الوقت نفسه، ما يخلق توازنًا بين الحماية والتنمية.
بنية تحتية رقمية متقدمة ودعم حكومي واضح
بالرغم من حجمها الصغير، توفر ليختنشتاين بنية تحتية رقمية قوية، تشمل شبكة إنترنت فائقة السرعة وتكنولوجيا اتصالات حديثة، ما يجعل من السهل على رواد الأعمال تطوير تطبيقات وخدمات رقمية بأعلى جودة. الحكومة أيضًا تُشجع على الابتكار عبر مبادرات متنوعة لدعم الشركات الناشئة، بما في ذلك برامج تمويل وتدريب وإرشاد.
أحد أهم عناصر الدعم هو “مركز الابتكار الرقمي في فادوز”، الذي يقدم مساحة عمل مشترك، واستشارات قانونية وتقنية، بالإضافة إلى شبكة واسعة من المستثمرين المحليين والدوليين. هذه البيئة تساعد على تحويل الأفكار الريادية إلى مشاريع حقيقية قابلة للنمو والتوسع.
سهولة الوصول إلى رأس المال والاستثمار الأجنبي
تُوفر ليختنشتاين بيئة مثالية لجذب الاستثمارات، بفضل قوانينها الشفافة وسمعتها الدولية في القطاع المالي. تُعتبر الدولة مركزًا ماليًا مهمًا، مما يُوفر فرصًا كبيرة لرواد الأعمال في الحصول على تمويل لمشاريعهم.
يُوجد في البلاد عدد من صناديق الاستثمار التي تستهدف الشركات الناشئة في مراحلها الأولى، بالإضافة إلى مستثمرين ملائكيين على استعداد لدعم المشاريع ذات الإمكانيات العالية. كما أن قرب ليختنشتاين من مراكز مالية مثل زيورخ وفينا يُعزز من فرص الشراكات والتمويل.
الموارد البشرية والتعليم العالي في خدمة الابتكار
على الرغم من عدد السكان المحدود، تستثمر ليختنشتاين بشكل كبير في التعليم، خاصة في المجالات التقنية والمالية. جامعة ليختنشتاين تُوفر برامج أكاديمية متخصصة في ريادة الأعمال، وتكنولوجيا المعلومات، والتمويل، وتُعتبر نقطة جذب للطلاب والباحثين من أنحاء أوروبا.
كما أن القوى العاملة في ليختنشتاين تتمتع بمستوى عالٍ من الكفاءة، والعديد منهم يتحدثون الإنجليزية بطلاقة إلى جانب الألمانية، ما يُسهل العمل في بيئة متعددة الثقافات. توفر الدولة أيضًا تسهيلات لجذب المواهب الأجنبية، عبر سياسات تأشيرات مرنة نسبيًا.
تحديات محتملة يجب على الشركات الناشئة الانتباه لها
رغم كل الإيجابيات، توجد بعض التحديات التي يجب أخذها في الاعتبار عند تأسيس شركة ناشئة في ليختنشتاين. أحد أبرز هذه التحديات هو السوق المحلي الصغير، مما يعني أن على معظم الشركات التفكير منذ البداية في التوسع الدولي.
كذلك، فإن المنافسة في بعض القطاعات مثل التكنولوجيا المالية قد تكون شرسة، وتتطلب تميزًا واضحًا في النموذج التجاري أو الابتكار التقني. كما أن التكاليف التشغيلية نسبيًا مرتفعة مقارنة ببعض دول أوروبا الشرقية، وهو ما يتطلب تخطيطًا ماليًا دقيقًا.
دليل التوسع إلى الأسواق الأوروبية
أفضل الطرق للاستفادة من بيئة ليختنشتاين الريادية
لتحقيق أقصى استفادة من بيئة ليختنشتاين الريادية، من المهم البدء بفهم عميق للإطار ليختنشتاين الشركات الناشئةالقانوني والضريبي، والبحث عن الشركاء المحليين المناسبين، والاستفادة من مراكز الدعم الحكومية. كما يُنصح بالمشاركة في الفعاليات والمعارض التقنية التي تُنظم في أوروبا لعرض الأفكار وجذب المستثمرين.
تُمثل ليختنشتاين خيارًا ذكيًا للمبادرين الذين يُفكرون خارج الصندوق، والذين يسعون إلى بيئة آمنة ومستقرة تُتيح لهم النمو والتوسع. مع الإعداد المناسب والاستراتيجية الصحيحة، يمكن لأي شركة ناشئة أن تزدهر في قلب أوروبا.
*Capturing unauthorized images is prohibited*
